الغرفة السوداء في بلغار

تاريخ وأسرار معمارية
تعتبر الغرفة السوداء أحد أبرز المعالم الأثرية في مجمع بولغار التاريخي بتتارستان بروسيا. يعود تاريخ بنائها إلى القرن الرابع عشر خلال فترة ازدهار دولة بولغار الفولغا، حيث كانت المدينة مركزاً تجارياً وثقافياً مهماً.
الموقع و التاريخ: شاهد على العصر الذهبي

تقع الغرفة تحديداً على بعد 400 متر جنوب أنقاض مسجد الكاتدرائية، مما يشير إلى أهميتها في التخطيط الحضري للمدينة القديمة. يتميز المبنى بتصميمه المعماري الفريد الذي يجمع بين الطابع الدفاعي والتأثيرات الإسلامية.
العمارة: تصميم فريد يحمل لغز اللون الأسود
سبب التسمية بالغرفة “السوداء”
شُيدت الغرفة من الحجر الجيري الأبيض، لكنها اكتسبت لونها الأسود نتيجة حريق كبير تعرضت له خلال القرن الرابع عشر.
التصميم الداخلي
يتكون البناء من ثلاثة طوابق: قاعدة مربعة الشكل، وطابق علوي مثمن الأضلاع، مع وجود أقواس إسلامية وزخارف جصية تعكس الطراز الشرقي.
الغرض من البناء: لغز حيّر المؤرخين
لا يزال الغرض الأصلي من بناء الغرفة السوداء موضوع جدل بين المؤرخين. تطرح النظريات المختلفة احتمالات استخدامها كسجن أو محكمة، حيث قد يكون الطابق السفلي مخصصاً للأسرى بينما كان الطابق العلوي يستخدم للمحاكمة. كما اقترح بعض الباحثين أنها ربما كانت مسجداً خاصاً بالحرفيين أو مدرسة إسلامية، نظراً لقربها من مناطق الأنشطة الاقتصادية وتشابه تصميمها مع المؤسسات التعليمية التاريخية.
الأساطير: الأميرة غيشة بيك والبطولة التراجيدية
تحيط بالغرفة السوداء العديد من الأساطير الشعبية، أشهرها قصة الأميرة غيشة بيك التي ضحت بنفسها لإنقاذ إخوتها من غزو تيمورلنك. تروي الأسطورة أنها ألقت بنفسها من قبة الغرفة بعدما تأكدت من هروب إخوتها، مما منح المبنى بعداً تراجيدياً في الذاكرة الشعبية.

الترميم والحفظ: من الدمار إلى قائمة اليونسكو
خضعت الغرفة السوداء لعدة عمليات ترميم مهمة خلال القرن العشرين، خاصة في أعوام 1956 و1976-1987، حيث تم إصلاح القبة وتنظيف الجدران من آثار الحريق. اليوم، أصبحت الموقع وجهة سياحية رئيسية ضمن مجمع بولغار المدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
الزيارة: معلومات عملية للسياح
يمكن للزوار الوصول إلى الغرفة السوداء بسهولة من مدينة قازان، سواء بالسيارة (185 كم) أو بالحافلة (3.5 ساعة). تفتح أبواب الموقع يومياً من الساعة 8 صباحاً حتى 6 مساءً في الصيف، ومن 9 صباحاً حتى 5 مساءً في الشتاء، مع دخول مجاني للجميع.
تمثل الغرفة السوداء إرثاً معمارياً وتاريخياً فريداً، تاركةً وراءها أسئلة وأساطير تثير فضول الزوار والباحثين. هي ليست مجرد مبنى، بل شاهد حي على حضارة عريقة اختزلت في حجارة سوداء!
شاركنا رأيك